ماذا يسبب التضخم؟

التضخم تعريفه البسيط هو: عندما يكون هناك أموال أكثر من السلع التي يمكن شراؤها. ولكن إذا كنت تريد تفاصيلاً أكثر فالتعريف البسيط لن يكون كافياً لك. لذا تخيل قرية بها سوق واحد حيث يشتري منه الناس كل ما يحتاجونه، طعامهم وملابسهم وما الى ذلك، لكن في يوم ما، تأتي الحكومة لأنها تشعر بالقلق بشأن اقتصاد هذه القرية.

وتخبر الناس أنه إذا أرادوا أن يقترضوا، فلن تكون هناك فوائد عالية على القروض من البنوك. لأن الحكومة ترغب في تشجيع الناس على أخذ القروض وإنفاق المال. كما أنهم أعطوا للجميع في القرية كومة ضخمة من النقود. وكل شخص في القرية يشعر بأنه غني جدًا، والآن يذهب القرويون إلى السوق ويشترون المزيد من الأشياء.

العديد منهم كانوا يريدون شراء الدراجة الكهربائية غالية الثمن في السوق التي لم يستطيعوا شرائها من قبل، ولكنهم يستطيعون الآن بسبب كل هذا المال الجديد. صاحب المتجر يقول “هذا أمر رائع للتجارة”، لكن مخزون الدراجات بدأ ينفذ منه في الواقع، هو ينفذ من كل شيء لأن الآن لدى كل هؤلاء الناس أموال إضافية ويشترون أكثر مما كانوا يشترون. فيقول صاحب المتجر “لا أستطيع مواكبة كل هذا الطلب يجب أن أرفع الأسعار”، وهذا هو التضخم. ولكن تلك القرية هي نحن والسوق هو الاقتصاد بأكمله.

التضخم

عندما تكون هناك أموال إضافية يتم تداولها ويرغب الناس في إنفاق أموالهم بسرعة أكبر مما يمكن للمشاريع إنتاج السلع، فإن جميع الشركات في جميع الصناعات ترفع أسعارها. وهذا هو التضخم. إنه جزء طبيعي من الاقتصاد، وهو أمر جيد نوعاً ما في الجرعات الصغيرة لأنه يعني ان الاقتصاد ينمو. وهو السبب في أن سعر تذاكر السينما في الولايات المتحدة كانت تبلغ 25 قرشاً والآن تصل إلى 15 دولارًا. والتضخم ببطء مع مرور الوقت يكون الأمر مقبولًا.

الآن، دعنا نعود إلى القرية ونرى ماذا يحدث إذا استمرينا بهذا الوتيرة. صاحب المتجر الآن قام بمضاعفة أسعار الدراجات. ومعدل الفائدة منخفض جدًا، لذا قام بأخذ قرض لبناء مصنع جديد لصنع الدراجات. هذا أمر جيد، فهو ينمي تجارته. ولكن المال الذي اهدته الحكومة للناس بدأ ينفذ في النهاية وفي نفس الوقت أسعار صاحب المتجر لا تزال مضاعفة.

لذا صاحب المتجر الآن ليس لديه أحد ليشتري دراجاته الجديدة. والآن لديه هذا المصنع والكثير من الموظفين، لكنه ليس لديه عملاء. فيضطر لإغلاق المصنع وطرد جميع الموظفين، وببطء يبدأ في خفض أسعاره. هذا ما يسمى بالركود الاقتصادي.

الركود وعلاقته بالتضخم

التضخم

عندما أغلقت جائحة كورونا العالم، قدمت الحكومات لمواطنين الدول في الغرب مالً مجانياً. كانت الحكومات تقول لهم: لا تهلعوا وتدخروا أموالكم، بل، أنفقوا واقترضوا لتحافظوا على استمرار عجلة رأس المال واتعاش الاقتصاد.

في الولايات المتحدة، أرسلوا للمواطنين شيكات بقيمة 3200 دولار في البريد، قدموا 600 دولار في الأسبوع للأشخاص العاطلين عن العمل لشهور وشهور وشهور، قدموا دعمًا ماليًا للأشخاص الذين لديهم أطفال، زادوا الإنفاق على القسائم الغذائية، كل ذلك كان، تريليونات وتريليونات من الدولارات من أموال التحفيز. كان هذا عصمة للأشخاص المحتاجين، لكن حتى الأشخاص الذين لم يفقدوا وظيفة حصلوا على شيك في البريد. كانت أموال مجانية للجميع وأنفقنها الأمريكيون. حصلوا جميعًا على هذه الشيكات الكبيرة من الحكومة خلال الجائحة وكانوا في غاية السعادة. من اشتري قاربًا أو جهازًا للتمرين او جهاز بلايستيشن أو أي شيء آخر. ولكن إقرن هذا الإنفاق الجديد مع حقيقة أن الجائحة جعلت العملية صعبة على المصانع والسفن والمتاجر الحصول على كل هذه السلع.

الآن لدينا اقتصاد حيث يمتلك الناس مبالغ أكبر من المال من المعتاد وهم على استعداد لإنفاقها، ولكن الاقتصاد لا يستطيع توفير السلع بسرعة كافية لهم. فماذا تفعل الشركات مع كل هذا الطلب الجديد المتزايد؟ تقوم برفع الأسعار جميعها في نفس الوقت، وهذا ما يُعرف بالتضخم. ولكن ما علاقة أسعار الفائدة أو الاحتياطي الفيدرالي بكل هذا؟

تأثير البنك المركزي على التضخم

التضخم

معظم البلدان تمتلك بنكًا مركزيًا، وهو السيد والبنك الرئيسي لتلك البلاد. ولكنه ليس بنكًا عاديًا يحتفظ بأموالنا ثم يقرضها ويحصل على فوائد لتحقيق الربح، فهذا ما يفعله البنك الخاص العادي. البنك المركزي، المعروف في الولايات المتحدة على سبيل المثال بالاحتياطي الفيدرالي، تديره الحكومة. لذا، مهمته هي وضع القواعد والسياسات التي يجب على جميع البنوك الأخرى اتباعها. والربح ليس هدف هذا البنك المركزي، بل مهمته هي رعاية الاقتصاد لضمان نموه، ولضمان توفر وظائف للناس، وللتأكد من عدم تذبذب الأسعار كثيرًا حتى نتمكن من النمو بشكل جيد، دون تباطؤ أو ركود، هذا هو سبب وجود البنك المركزي في بلدك.

البنك المركزي في أي من بلادنا يشبه السيد المتحكم ونحن الدمى الذي يتحكم فيها، وهذا أمر مخيف إلى حد ما. البنك المركزي يسحب خيوطاً في الاقتصاد ليجعلنا ننفق أموالنا بطريقة معينة، وهذا يؤثر بدوره على مقدار زيادة أو انخفاض أسعار الشركات. واحزر ماذا؟ هو ينجح في ذلك تمامًا. أحد الخيوط التي يجب أن يسحبوها في الاقتصاد تسمى أسعار الفائدة. أترغب في اقتراض المال لشراء سيارة أو منزل أو توسيع تجارتك؟ سيكون احتمال ان تقوم بذلك اكثر إذا كان عليك دفع فائدة بنسبة 2٪ على هذا القرض بدلاً من 6٪ مثلاً.

أسعار فائدة منخفضة يعني رغبة الأشخاص والشركات في الاقتراض وإنفاق الأموال. لذلك، خلال الوباء، كان البنك المركزي في الولايات المتحدة كان بحاجة إلى ان ينفق الجميع الكثير من الأموال. لذلك خفضوا أسعار الفائدة الى 1% واقترض الناس الأموال وأنفق الناس الأموال ونجح الأمر تمامًا.

لذلك، معدل الفائدة المنخفض ساعد في تحفيز الاقتصاد. ولكن مرة أخرى، الأمريكيون يجدون أنفسهم في نفس الموقف، حيث يوجد الآن الكثير من المال للاقتراض والإنفاق ولكن لا يوجد ما يكفي من السلع والخدمات للإنفاق عليها. فماذا تفعل كل المشاريع في نفس الوقت؟ جميعهم يرفعون الأسعار لتلبية هذا الطلب الجديد في نفس الوقت وبالتالي تيصبح قيمة أموالهم أقل. وهذا هو التضخم.

إذاً هذا ما يحدث الآن. جميع الأسعار ترتفع في نفس الوقت. مما يعني أن الـ 100 دولار الآن تستحق 8% أقل مما كانت عليه في العام الماضي. المال نفسه يستحق أقل لأن قوة الشراء تم تخفيفها. وتخيل إذا استمر ذلك في الحدوث؟ مثلًا بدلاً من 8%، يصبح 50%؟ الآن الـ 100 دولار تستحق ما كان يعادل 50 دولار في السابق.

وهذا عندما يبدأ الناس في الذعر. واقتصاد الولايات المتحدة الذي يعتمد على علم النفس البشرية يبدأ في الترنح وينزلق في ركود أو كساد إذا تفاقم الأمر بشكل كبير مثل ما يسمى بـ”الكساد العظيم” الذي حدث في الولايات المتحدة إبان الحرب العالمية الثانية، وهذا بالضبط ما تم بناء الاحتياطي الفيدرالي لتجنبه! فالاحتياطي الفيدرالي قام بما يجب ألا يفعله و تسبب في التضخم للأمريكيين الآن. لذا، هم الآن يعودون لجذب خيوطهم التي يتحكمون بها بالناس وقد بدأوا في رفع الأسعار. ويرفعون برفق معدل الفائدة لتهدئة كل هذا الإنفاق والاقتراض الكبير، ليروا إذا ما يمكنهم إعادة توجيه السفينة إلى المسار الصحيح. وسنرى ان كان ذلك سينجح.

في النهاية

قيام البنك المركزي الأمريكي بتوزيع أموال على الأمريكيين بحجة تنشيط عجلة رأس المال كان خاطئ لأنه تسبب في التضخم الحالي في الولايات المتحدة و يعاني الشعب الأمريكي بسبب ذلك الآن، عكس تصرف الحكومة السعودية على سبيل المثال، قامت الحكومة برفع الضريبة من 5% الى 15% وبفضل ذلك الأسعار ثابتة الى الآن

اقرأ مقال الاستثمار في سوق الأسهم للمبتدئين

شارك المقال