جيف بيزوس رجل مكروه جداً، ولكن في نفس الوقت تاريخه رائع! من العمل في ماكدونالدز وكونه وحيد و فاشل الى بناء إمبراطورية بقيمة تريليون دولار، حيث تعتمد جميع الشركات الكبرى عبر الإنترنت تقريبًا على قواعد جيف وأمازون للبقاء على الإنترنت، ولكن كما ترى، جيف لا يتحكم في الإنترنت فقط، بل انه يدير إمبراطورية فعلية. بنفوذه في الكتب، والبقالة، والأدوية، ووسائل الإعلام، والجيش الأمريكي، ووكالة المخابرات المركزية الـCIA على سبيل المثال لا الحصر، ناهيك عن جميع الشركات الأخرى التي يملك جيف بيزوس أسهماً فيها
وبالقيام بكل ذلك، جمع جيف بيزوس أكثر من 130 مليار دولار كثروة شخصية فقط! فلا عجب أن لديه عضوية في مجلس البنتاغون، ولا عجب أن تم الدفاع عنه من قبل وسائل الإعلام بخصوص ارساله صور عضوه الذكري لفتاة، ولا ينبغي أن يكون من المستغرب أنه لا يدفع أي ضرائب. السؤال الحقيقي هو ما الذي يغذي هذه الإمبراطورية؟ كيف سُمح له أن يكون بارونًا لصًا في العصر الحديث دون أي عواقب؟ وما الذي تعين عليه فعله للوصول إلى المنصب الذي هو فيه اليوم؟ دعنا نقول لك انه عندما تكشف عن حجاب القوة الحقيقية لجيف بيزوس، عندما تسحب تلك الستارة وترى ما وراء ثروته الحقيقية، تأكد انه ليس جيداً
فهم جيف بيزوس
وُلد جيف بيزوس لأبوين “تيد” و”جاكلين جورجينسون” في 12 يناير 1964. عاشت العائلة في ألباكيركي بولاية نيو مكسيكو حيث قضى جيف معظم سنواته الأولى. لم يكن والد جيف البيولوجي الحقيقي موجودًا في الصورة أبدًا، حيث ترك جيف هو و أمه عندما كان عمر جيف عامًا واحدًا فقط. لم يعرف تيد أبدًا من هو ابنه حقًا حتى تم الاتصال به لإجراء مقابلة كتابية في عام 2014.
تزوجت والدة جيف في النهاية من مايكل بيزوس، وانتهى بها الأمر هي وابنها بأخذ اسم عائلته. منذ صغره كان من الواضح أنه طفل ذكي للغاية ولديه اهتمام هوسي بالتكنولوجيا والبناء،
فقد أمضى كل فصول الصيف في طفولته في العمل في مزرعة مع جده حيث تعلم كيفية الاعتماد على نفسه عندما يتعلق الأمر ببناء الأشياء وإصلاح الآلات، وفي المدرسة كان جيف متفوقًا أكاديمياً وتم وضعه في برنامج الموهوبين في مدرسته الثانوية، حتى أنه تم تسميته الطالب المتفوق في عامه. أثناء فترة دراسته في المدرسة كان يكسب المال من خلال العمل في ماكدونالدز. أثناء نوبات عمله كان جيف يركز بشدة على أي مهمة يقوم بها حاليًا مع إيلاء اهتمام خاص لخدمة العملاء وعملية الأتمتة في المطعم. أفاد جيف لاحقًا أنه حتى في ماكدونالدز لم يكن يفكر أبدًا في الحاضر وكان عقله دائمًا يركز على الخطط المستقبلية، وكانت هذه الخطط بعيدة كل البعد عن أن تكون صغيرة
بعد أن انبهر بالهبوط على سطح القمر، أراد أن يصبح رائد أعمال في مجال الفضاء وكثيرًا ما أخبر أساتذته أن مستقبل البشرية ليس على هذا الكوكب. اهتمام جيف بغزو الفضاء سيكون طموحًا مدى الحياة، ولكن حلم الذهاب إلى الفضاء كان لا يزال حلمًا، لا يزال جيف بحاجة إلى التخرج من المدرسة الثانوية، وبمجرد حصوله على ذلك، حصل جيف على الدرجات والأموال اللازمة للالتحاق بأي جامعة يريدها تقريبًا، وسيقرر في النهاية الالتحاق بجامعة برينستون في نيوجيرسي.
كان يسعى في البداية للحصول على شهادة جامعية في الفيزياء ولكن قرر سريعًا التحول إلى الهندسة وعلوم الكمبيوتر. على غرار تعليمه السابق كان من بين المتفوقين أكاديميًا في فصله، وعُرض عليه لاحقًا وظائف في إنتل و نوكيا بمجرد حصوله على شهادته، ولكن بدلاً من ذلك قرر جيف تجربة العمل في شركة اتصالات ناشئة تسمى “فيتيل”، وبعد ذلك حصل على وظيفة في صندوق تحوط (أي شركة استثمار ) تسمى “دي إي شو & كو” عندما كان يبلغ من العمر 26 عامًا فقط.
بمجرد أن توظف في صندوق التحوط هذا ترقى جيف في الشركة بسرعة غير عادية، وهذا كان خلال الانكماش الاقتصادي في التسعينيات. صعود جيف في “دي إي شو & كو”، كان مثيرًا للإعجاب للغاية لجميع زملائه في العمل، حيث كان يعمل مع بعض صناديق التحوط المرموقة في أمريكا في واحدة من أكثر الصناعات تقدمًا في العالم وما زال قادرًا على الوصول إلى القمة على الرغم من كل المنافسة التي كان يواجهها مع الموظفين الآخرين الذين يتنافسون على مناصب محدودة، وكذلك مع الصراع الخارجي ضد شركات صناديق التحوط المنافسة الأخرى،
رغم كل هذه التحديات، أصبح جيف بيزوس بطريقة ما أصغر نائب رئيس في تاريخ دي إي شو & كو بعد 4 سنوات فقط من العمل في الشركة. فترة عمله في دي إي شو & كو هذه كانت حيث اكتسب مهارات إدارية و مالية مهمة، والتي كان من شأنها أن تؤدي في النهاية إلى نجاحه في الأخير مع أمازون، وقد شرح لاحقًا ان مدير شركة صندوق التحوط وبالتحديد رئيسها التنفيذي “ديفيد شو” هو من علمه كل ما يتعلق بأشياء مثل الموارد البشرية ونوع الأشخاص الذين يجب توظيفهم.
كان جيف يتمتع بنجاح كبير في وول ستريت لدرجة أنه كان من المرجح ان يبقى في هذه المنطقة لبقية حياته المهنية، ولكن في هذا الوقت كان الإنترنت ينمو بسرعة. لم يكن أحد تقريباً يهتم به حقًا، لكن جيف لم يستطع تجاهل النمو المذهل للإنترنت، وكانت هذه فرصته للتألق. كان مفتونًا بأرقام الأسهم المتزايدة باستمرار على الإنترنت، إلى جانب إمكانات الاستثمار في الإنترنت بعد أن كان ينمو بمعدل 2300% سنويًا، لذا في عام 1994 أخبر جيف رئيسه بفكرة مغادرة دي إي شو & كو وإطلاق شركة ناشئة عبر الإنترنت
ولكن في هذا الوقت كان الإنترنت لا يزال يُنظر إليه على أنه فكرة جديدة مخصصة فقط لمهووسي الكمبيوتر، ولهذا السبب عندما أخبر جيف رئيسه بذلك قوبل بالكثير من الإحباط. أخبره ديفيد شو أن هذه الفكرة كانت أكثر ملاءمة لـ”شخص ليس لديه وظيفة جيدة” وأنه اذا فعل ذلك لن يتخلى فقط عن دور محوري في الشركة بل أيضًا عن أمنه المالي، ولكن على الرغم من هذه التحذيرات، سيترك جيف الشركة في نهاية المطاف في عام 1994 وسيواصل انجاب اول مشروع له: أمازون.
خلال هذا الوقت أيضًا أراد جيف الزواج، فطلب من أصدقائه أن يرتبوا له عددًا لا يحصى من المواعيد العمياء (مواعيد مع فتيات لم يقابلهم من قبل)، كانت كثيرة جدًا لدرجة أنه أصبح “محترفاً في المواعيد العمياء” حسب كلامه، ولكن بالطبع نحن نتحدث عن جيف بيزوس هنا، وجيف كانت لديه قائمة كبيرة من المعايير التي ستحتاج زوجته المستقبلية إلى استيفاءها، أحدها كان انه يمكنهما إخراجه من سجن في دولة عالم ثالث،
ومن بين جميع الفتيات التي كان يختارها، استوفت “مكينزي سكوت” معاييره وسيتزوجان في النهاية بعد أن تعرفا على بعضهما البعض لمدة ستة أشهر فقط. بدا أن حياته كانت مثالية؛ رجل طموح مع زوجة محبة ومهنة رائعة، في هذه المرحلة كان كل شيء ممكنًا، كان جيف مليئًا بالمعنى، وكان التفاؤل بشركته الناشئة الجديدة عالٍ، ولكن جيف كان لا يزال بحاجة إلى اسم لشركته. ربما مال قليلاً إلى عقليته التجارية فكان سيسمي أمازون في الأصل “ريلينتلس” أي بلا رحمة. جيف تخلص من هذه الاسم عندما أقنعه اصدقائه انه يبدو شريراً وأيضًا لأن اسم أمازون سيكون في أعلى قوائم الدليل
صعود أمازون
وهذا يقودنا إلى تأسيس أمازون في عام 1994 والذي بدأ برأس مال أولي قدره 300 الف دولار من مدخرات والدي جيف. كانت فكرة أمازون بسيطة؛ مع التقدم السريع في الإنترنت ستكون أمازون بمثابة شركة توصيل كتب تعمل بشكل كامل عبر الإنترنت، وبمجرد إطلاق أمازون كان نجاح الشركة فوريًا. في الواقع عندما تم طرح الشركة للاكتتاب العام في عام 1997، أمازون جمعت 54 مليون دولار في عامها الأول فقط،
ثم بحلول عام في عام 1999، زاد هذا الرقم بنسبة تزيد عن 1000%. كان كل شيء يسير على ما يرام حتى انفجار فقاعة الانترنت في مارس 2000، حيث تم تدمير كل المشاريع عبر الإنترنت، حتى الشركات التي استثمرت بها أمازون نفسها مثل Pets.com و Kosmo تعرضت للتدمير المالي واختفت من على وجه الإنترنت. كانت أمازون تنزف أرباحًا كل شهر، حيث خسرت 95٪ من قيمتها السوقية بحلول نهاية العامين، مع انخفاض سعر السهم من أكثر من 100 دولار للسهم الواحد إلى 6 دولارات فقط، وكانت الشركة مفلسة تقريبًا بحلول نهاية الانهيار المالي.
ومع ذلك، على عكس معظم المشاريع على الانترنت أمازون كانت لا تزال قادرة بطريقة ما على الصمود على قدميها، وبمجرد حلول عام 2002، عادت أمازون إلى تحقيق أرباح قياسية. يُعزى بقاء أمازون كشركة بالكامل تقريبًا إلى قرارات جيف بيزوس الإدارية الذكية والفعالة من حيث التكلفة، على الرغم من أن هذا النهج لم يكن أي شيء جديد بالنسبة لجيف، أمازون كانت تحافظ على نفقات أعمالها عند الحد الأدنى طوال فترة الأزمة، بالإضافة إلى ذلك استخدمت الشركة استراتيجية تسويق تجعلهم يتلقون مدفوعات العملاء مقابل الكتب قبل أن تشتريها أمازون نفسها مما يعني ان الأغراض الموجودة في مخزونهم هي أشياء دفع العملاء مقابلها بالفعل،
ولكن كان هناك مشكلة؛ وفقًا لمهندس سابق في أمازون عمل في الشركة لأكثر من ست سنوات: جيف بيزوس “يجعل المهووسين بالسيطرة العاديين يبدون مثل الهيبيز” (أشخاص مسالمون يتبنون فكر السلام والحب) وجيف لم يتسامح مع أي معارضة أيضًا، كما كان سيئ السمعة بتوزيع ورق لاصق عدواني سلبي لتذكير الموظفين الذين خالفوا أوامره من هو المسؤول حقًا ومن يدفع رواتبهم. في الواقع، كان بيزوس يحتقر موظفيه جداً لدرجة أنه كثيرًا ما أفاد أن الموظفين يجب أن يدفعوا له مقابل العمل في الشركة، وبمجرد أن انتهت عاصفة فقاعة الانترنت، عادت أمازون إلى المسار الصحيح لتحقيق ربح ثابت، لكن إدارة جيف القاسية ستزداد سوءًا من هنا
في وقت لاحق من عام 2002، أصدر خطابًا إلى موظفيه يطالب فيه جميع فرق هندسة الكمبيوتر لديه بإعادة تصميم البنية التحتية لأنظمتهم من الألف إلى الياء، وتضمنت هذه الرسالة أيضًا ملاحظة صغيرة لطيفة في النهاية يعد فيها بطرد كل مهندس لم يتمكن من ذلك، ولكن بفضل هذا السلوك القاسي أصبحت أمازون الشركة التي نعرفها اليوم،
وبعد بضع سنوات في عام 2006، بدأت أمازون في السيطرة على العالم. في هذا الوقت أطلقت “aws” وهي خدمات الويب من أمازون، والتي سرعان ما بدأت في الهيمنة على مجال الحوسبة السحابية المتنامي.

الخدمة في البداية كانت تابعة لأمازون، و كانت عبارة عن انها تقوم بجمع بيانات حركة التصفح في موقع الويب لبيعها للآخرين، وفي النهاية نمت هذه الخدمة لتصبح واحدة من أكبر استضافة لمواقع الويب ومنصات البنية التحتية للإنترنت في العالم.
في الماضي إذا كنت تملك شركة وتحتاج إلى عملية حوسبية، كنت ستبني مركزًا للبيانات، مثل هذا:

ولكن مع كل هذه التكلفة والوقت، لن يضيف أي من هذا أي قيمة إلى ما تفعله الشركة، فهو مجرد ثمن وجود موقع للشركة على الانترنت. في هذا الوقت أمازون كانت تهدر الكثير من الوقت والمال لبناء مراكز البيانات للحفاظ على نموها الهائل، لذا كانت فكرة جيف العبقرية هي إنشاء خدمات الويب للجميع.
عن طريق إنشاء خوادم بكميات كبيرة أصبحت أمازون الطريقة الأرخص والأكثر موثوقية لإبقاء موقعك على الإنترنت، ولحسن حظ أمازون، aws لم تواجه أي منافسة لمدة 7 سنوات تقريبًا في عالم الإنترنت، وهذا أمر غير مسبوق، حيث يتم نسخ جميع الاختراعات الجديدة تقريبًا بعد عامين على الأقل، ولكن من خلال الحصول على هذه الفجوة الكبيرة البالغة سبع سنوات لتوسيع حصتها في السوق، أصبحت أمازون الآن قريبة من السيطرة على الإنترنت بالكامل.
من خلال القيام بذلك، عزز أساس جيف قوته في جميع أنحاء العالم، وكل ذلك سيصبح واضحًا في السنوات اللاحقة، ولكن لم يكن هذا هو الشيء الوحيد الذي كان جيف يتطلع للاستفادة منه، فقد كان يبحث دائمًا عن طرق جديدة للاستفادة من مجالات النمو المحتملة في السوق. هذه العقلية التي أدت لاختراع “كيندل” في عام 2007، وهو جهاز لوحي لقراءة الكتب

بينما فضل الناشرون الصغار في البداية فكرة جيف لهذا النوع الجديد من توزيع الكتب، لم يدركوا مدى ازدراءه لمجال النشر، وبمجرد أن بدأ هؤلاء الناشرون في الاعتماد على amazon.com لمبيعاتهم، أمر جيف مفاوضيه بالتعامل معهم بالطريقة التي يلاحق بها الفهد غزالً جريحًا. حيث بدأ يضع شروطاً اكثر في العقود تخدم مصلحته لدرجة أن أمازون نفسها وصفتها بأنها سادية! وبعد إطلاق جهاز كيندل، استغرق الأمر ثلاث سنوات فقط لتتجاوزت مبيعات الكتب الرقمية في كيندل مبيعات الكتب التقليدية،
وسرعان ما أصبحت واحدة من الوسائل الأساسية للناس لقراءة الكتب، ولكن كان هناك تطور قادم أكثر شرًا وهو “أليكسا”

اليكسا هي جهاز مساعد شخصي منزلي يعمل بالتفاعل مع صوتك. الآن قد يبدو هذا وكأنه وسيلة بسيطة ومفيدة، فهو يقوم بمعالجة أكثر من 100,000 أمر، إلا أن هذا المساعد الرقمي هو خط مباشر إلى أمازون، حيث يتم إرسال جميع معلوماتك إلى سحابة أمازون. كل ما تقوله وكل ما تطلب من أليكسا القيام به. يتم تسجيل كل شيء وتخزينه بشكل دائم وهذه المعلومات قيمة للغاية لأمازون، بل في الواقع، هذه هو طريقة جني أمازون أموالها من Alexa،
بالطبع أليكسا نفسها ليست المنتج، ولهذا السبب يكون الجهاز رخيصًا للغاية بشكل لا يصدق، كما أنه في كل مرة يتحدث فيها الناس حول العالم مع أليكسا تحقق أمازون ربحًا
ومن خلال القيام بذلك، أصبحت أليكسا الآن شائعة جدا و إذا اخذنا الولايات المتحدة على سبيل المثال فجهاز أليكسا موجود في واحدة من كل خمس أسر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ومن ثم كلما شعرت براحة أكبر مع كون أليكسا جزءًا من حياتك اليومية، زادت المعلومات التي تعطيها لها وبالتالي زادت الأموال التي يمكن أن يستخرجها بيزوس منك ومن باقي الناس، ومن يعلم ما يحدث حقاً لهذه البيانات. لكن الأمر قد يثير بعض المخاوف بالنظر إلى أن جيف عضو في مجلس إدارة البنتاغون، ناهيك عن أن جيف لديه صفقة بقيمة 600 مليون دولار مع وكالة المخابرات المركزية الـCIA.
بلا رحمة
على الرغم من كل الأسواق الجديدة التي بدأت أمازون في غزوها، إلا أن هذا لم يخفف من مزاج جيف، في الواقع كانت نوبات غضبه تزداد سوءًا، وكان معروفًا عنه أنه عندما يرى أن موظف لا يفي بمعاييره يغضب بجنون! بينما يبتسم للجمهور كرجل مسالم و بريء

ولكن خلف ضحكاته المزيفة ووجهه المستدير كان هناك وحش مؤذٍ.
لاحظ العديد من أولئك الذين تلقوا جلدًا لفظيًا من جيف أنه كان يغضب كثيرًا لدرجة أنه يكون هناك وعاء دموي ملحوظ ينتفخ في رأسه أثناء خطابه. لم تلعب الأموال التي كانت تجنيها أمازون له أي دور في تبريد أعصاب جيف حيث أنه كان بالفعل مليارديرًا بحلول هذه المرحلة، لكن المليارات لم تكن كافية لأن جيف أراد العالم. وسيبدأ هذا في الحدوث عندما يصبح جيف بيزوس الذي لم يكن مشهوراً كثيراً، اسمًا مألوفًا خلال هذا الوقت،
بدأ جيف خطوته الأولى في عمليات الاستحواذ الكبرى على الشركات من خلال شرائه صحيفة “واشنطون بوست” بقيمة 250 مليون دولار التي كانت تفشل آنذاك. رأى جيف أنه على الرغم من أن الشركة كانت موجودة بشكل جيد فيما يتعلق بتوزيع الصحف المادية، إلا أنها كانت فاشلة حقًا في مجال النشر عبر الإنترنت.
إذا نظرنا إلى الماضي الآن، فإن أسباب جيف للحصول على المنافذ الإخبارية أمر مشكوك فيه إلى حد ما، حيث أوضح أن التقدم في الإنترنت كان عبارة عن انها “تؤدي إلى تآكل جميع المزايا التقليدية التي كانت تتمتع بها الصحف” ومن يعلم ما الذي كان يعنيه حقًا بذلك. لكن واشنطن بوست أصبحت الآن في الأساس لسان حال جيف ليقول ما يريد باستخدام الإرث والثقة التي اكتسبتها الشركة على مدى عقود
وبينما بدأت الشركة في تحقيق النجاح المالي تحت إدارته، فمن المؤكد أن ذلك لم يكن بسبب تحسن جودة الصحافة، فصحيفة جيف قابلة للاستبدال بالكامل تقريبًا مع جميع شركات النشر الأخرى التي تتبنى نفس الأجندة النيوليبرالية،
ولكن ليس كل رواد الأعمال يتم معاملتهم بشكل متساوٍ وفقًا لصحيفة واشنطن بوست، حيث أن شراء إيلون ماسك الأخير لتويتر كان شيئاً لم يستطع جيف بيزوس تحمله. وفقًا لواشنطن بوست، أصبح استحواذ المليارديرات على منصات إعلامية أمرًا يدعو للقلق، نظرًا لأنه يمكن أن يزداد تأثيرهم و نفوذهم على الجمهور،

وهذا صحيح! لكنه آتٍ من جيف بيزوس هنا، والأمر غير المفاجئ أكثر هو أنه من خلال سيطرة جيف بيزوس على واشنطن بوست فهو يتحكم الآن أيضًا في السرد السائد المحيط به، لأن بالطبع لا يمكن للواشنطن بوست ان تنتقد أي شيء عن جيف بيزوس أو أمازون، حتى كُتّاب واشنطن بوست الذين يعملون في شركات إعلام اخرى لا يمكنهم انتقاد أمازون،
ربما بعضكم سمع قصة الكاتب الصحفي في صحيفة واشنطن بوست الذي كتب شيئًا في “هافينغتون بوست” ينتقد أمازون وتم تأديبه في صحيفة واشنطن بوست لفعله ذلك، ناهيك عن تبرع جيف بيزوس بمئات الملايين لشبكات إعلامية رئيسية أخرى، مثل CNN وMSNBC، ومن خلال القيام بهذا فهو دائمًا محمي. مثل المرة عندما كان يخون زوجته وبدأ إرسال صور غير مرغوب فيها لعضوه الذكري لفتاة أخرى، وبعد قيامه بذلك تم تسريب بعض هذه الصور
الآن بالنسبة لأي شخص آخر، سيؤدي هذا إلى بغضهم على منصات التواصل الاجتماعي أو يتم التشهير على انهم متحرشين وتدمر سمعتهم تمامًا، ولكن إذا كان لديك ما يكفي من المال والقوة، فإن وسائل الإعلام ستأتي للدفاع عنك، مثل الصحفي “بوب وودوارد”، الذي يعمل لدى “ليجاسي ووتر جيت”، الذي دعم بيزوس بحماس مفيداً بمدى فخره ودعمه لبيزوس لفعله ذلك وهذا ليس مزاحاً، بالإضافة الى كتابة واشنطن بوست مقالًا تقول فيه “جيف بيزوس يثبت على موقفه”. قد تكون أول مرة تسمع عن حادث صور جيف بيزوس هذا على الإطلاق، وذلك لأن جيف بيزوس يقرر من تهاجمه وسائل الإعلام ومن يشاد به
ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالصحفيين المستقلين، يسعد جيف إرسال فرقه لتسريب معلوماتهم الشخصية وإسكاتهم، مثلما حدث عندما ضايقت صحفية واشنطن بوست عائلة السيدة التي تدير صفحة “libs of tiktok” “ليبراليو التيكتوك” لأنه في ذلك الوقت لم تتمكن الصحيفة من العثور على مالكة الصفحة، قاموا بمضايقة عائلتها بدلاً من ذلك. مهددين عائلتها البريئة و بدأوا مراسلة بعضهم قائلين “إنكم متورطون في بدء حملة كراهية ضد الأشخاص الشواذ جنسياً”
وبعد اكتشاف هوية مالكة الصفحة نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالًا بقلم “تايلور لورينز” معلنين فيها عن العنوان والاسم الحقيقي و معلومات الترخيص العقاري لها، لذلك أصبح من الواضح تمامًا السبب الآخر وراء سيطرة جيف على الكثير من وسائل الإعلام، وهو انه ملائم لأمازون لإخفاء الكثير من أعمالهم المشينة و الغير قانونية التي إذا اكتشفها الجمهور ستدمر سمعة جيف بيزوس مدى الحياة، فإن الأشخاص الذين يغذون ثروات جيف بيزوس يعيشون في حالة من البؤس البائس، مع كون بيئة العمل في أمازون شديدة السمية. الشركة نفسها تشجع العمال حرفيًا على الوشاية ببعضهم البعض بسبب أصغر الاختلافات
لدى أمازون نظام يسمى “أداة الابلاغ السريع” وهي عبارة عن هاتف داخلي للشركة يسمح للأفراد بتقديم شكاوي سرًا إلى المديرين. بالقيام بذلك، هذا يخلق ثقافة توتر وعدم ثقة في مكان العمل، وهو أمر مفيد للغاية لبيزوس لمنع الاتحاد بين الموظفين، وهو شيء تفعل أمازون كل ما في وسعها لمنعه، فقد خصصت موارد لمنع تشكيل الاتحادات منذ تأسيس الشركة في عام 1994، ويتم تحقيق ذلك من خلال وضع الموظفين تحت المراقبة المستمرة من داخل المستودعات إلى محادثات مجموعات الفيسبوك الخاصة التي تتم مراقبتها بواسطة مديرين الموارد البشرية،
وعقد أمازون اجتماعات بانتظام تحاول فيه تثقيف الموظفين ان الاتحاد في مكان العمل أمرٌ سيئ للأعمال. تقوم الشركة في الواقع بتعيين مستشارين مناهضين للاتحادات وحتى تنشر قوائم وظائف تطلب محللين معلومات استخبارية يمكنهم مراقبة تنظيمات تهدد العمل. أمازون سيئة السمعة بالدعاية المناهضة للاتحادات، مثل ذلك العرض التقديمي الذي أرسلوه إلى الشركة بأكملها ليطلبوا من العمال الوشاية عن بعضهم البعض عندما يسمعون عبارات مثل “الروبوتات”، “التنوع”، “التعويض” أو “الظلم”،
هذا هو مدى احتقار أمازون للعمال، وعندما لا يهاجم احد العمال بعضهم البعض، إذا ارتكبوا خطأً بسيطًا في أمازون يقوم سوار المعصم الجديد بتتبع هؤلاء العمال وصعقهم عندما يقومون بحركات خاطئة”.

لقد وصل الأمر الآن إلى مرحلة حيث ينظر جيف بيزوس بشكل دنيء جداً الى عماله لدرجة أنه يعاملهم مثل الماشية البشرية. مع الأخذ في الاعتبار هذه الظروف التي يتعرض لها موظفو أمازون، فلا عجب أن معظمهم يحاولون الاتحاد، فظروفهم هي من أكثر الممارسات وحشية التي يمكن أن تجدها في دول العالم الأول، حيث ان الوظيفة في مصانع أمازون هذه اقرب الى العبودية أكثر مما هي وظيفة.
تمتلك أمازون أيضًا العديد من الكاميرات داخل المستودعات تستخدم خوارزميات تحلل كفاءة كل عامل. على سبيل المثال، إذا كنت تنقل الصناديق، فمن الأفضل أن تفعل ذلك بسرعة لأن الكمبيوتر يراقب كل تحركاتك ويحسب مقدار الوقت المنقضي بين كل غرض من الأغراض التي تنقلها، أو إذا كنت تقود شاحنات التوصيل لشركة أمازون، فإن الوضع ليس أفضل بكثير، فجداول التحول صارمة للغاية لدرجة أن السائقين غالبًا ما يضطرون إلى التبول في زجاجات مياه بلاستيكية لمنع إضاعة أي وقت على مدار الساعة.
في البداية، استخدم جيف بيزوس نفوذه في وسائل الإعلام لإنكار هذه الادعاءات من خلال التغريد بأشياء مثل “أنت لا تصدق حقًا قصة زجاجات المياه، أليس كذلك؟” ولكن بعد إجراء تحقيق شامل، أُجبرت أمازون لاحقًا على الاعتراف بأن القصص كانت حقيقية بعد أن أثبتتها عدة وثائق،

ولكن حتى مع ظهور الأدلة، تجنبت أمازون المسؤولية لأربع التزامات من خلال الادعاء بأن المشكلة كانت على مستوى الصناعة كله. ولكن لا يبدو أنها على مستوى الصناعة كله، لأنه معظم الشركات لا تستخدم الخوارزميات لتحليل وتصنيف كل عامل من العاملين لديها،

والخوارزميات قاسية ولا ترحم ابداً. إذا انخفض عامل عن حد معين في الخوارزمية، يتم فصل هذا العامل تلقائيًا، وليس حتى من قبل شخص حقيقي ولكن فقط من خلال برنامج. هذا هو بالضبط ما حدث لجندي سابق في الجيش يبلغ من العمر 63 عامًا تم فصله من الخدمة بسبب مشاكل خارجة عن سيطرته، حيث لم يتمكن من العبور بشاحنته بسبب مجمعات سكنية مقفلة منعته من إجراء عمليات التسليم،
وحتى مع كل ما ذكرناه للتو فإن هذا لا يشمل نوبات العمل الطويلة المرهقة، و أوقات الراحة المنخفضة، ومعدلات الاصابات في مكان العمل التي تبلغ ثلاثة أضعاف المتوسط مقارنة بمهن المستودعات الأخرى، لكن جيف بيزوس يفعل ذلك لسبب؛ من خلال مص كل قطرة عرق من عماله، يمكنه إعادة استثمار هذا في اكتساب المزيد والمزيد من السيطرة
السيطرة والنفوذ
لهذا السبب قامت أمازون بشراء شركات متخصصة في أمن المنازل، والمستحضرات الصيدلانية، والسيارات ذاتية القيادة، وأسواق البقالة، وتكنولوجيا التعرف على الوجه، وشركات الطيران، والآن حتى السفر عبر الفضاء، لكن جيف بيزوس لا يغزو العالم المادي فقط، لأنه باستخدام خدمات الويب الخاصة بأمازون تسيطر أمازون الآن على 90٪ من الإنترنت، متمتعين بتحكم كامل في زر التشغيل لمواقع الويب مثل فيسبوك و تويتر و تويتش، ولهذا السبب عندما تتعطل خدمات الويب الخاصة بأمازون ستنهار كل الشركات الأخرى تقريبًا،
القصد هو ان هناك الكثير من الشركات التي تعتمد على أمازون في هذه المرحلة مثل ريديت و IMDB و سبوتيفاي و Pinterest و Imgur و حتى الـCIA وكالة الاستخبارات المركزية نفسها وأكثر من 80 موقعًا إلكترونيًا آخر لشركات ذات علامات تجارية استهلاكية. على الرغم من المنصات والشركات العديدة التي تشغلها أمازون، لم يمنعها ذلك من التنافس معهم إذا كان بإمكانها تحقيق ربح من ذلك. هذا يشمل الشركات التي تعتمد على أمازون للتشغيل، وكذلك جميع أولئك الذين يبيعون منتجاتهم من خلال أمازون نفسها
مثالًا رئيسيًا على ذلك هو نتفلكس. نتفلكس مثل جميع مواقع الويب تقريبًا تستخدم خدمات الويب من أمازون aws، إلا أن هذا أصبح محفوفًا بالمخاطر للغاية بالنسبة لنتفلكس، بسبب قيام أمازون بإعداد منافسة مباشرة مع نتفلكس من منصة البث الخاصة بأمازون “Amazon Prime Video”
الموسيقى هي صناعة رئيسية أخرى تتخذ أمازون حاليًا خطوات نحوها، حيث أصبح “Amazon Music” (موسيقى أمازون) الآن بمثابة مقارنة مباشرة بخدمات الموسيقى الأخرى مثل iTunes و سبوتيفاي التي تعتمد على أمازون للتشغيل. ربما تفكر في نفسك “من سيستخدم موسيقى أمازون عوضاً عن iTunes وSpotify؟” ولكن بكون أمازون شركة رائدة في مجال التعرف على الصوت والمساعدة الافتراضية يعني أن لديها إمكانات كبيرة.
بينما تقرأ هذا، هناك أشخاص يشاهدون فيلماً على منصة أمازون و يسمعون الموسيقى من موسيقى أمازون التي يتم التحكم فيها بواسطة أليكسا التابعة لأماون التي اشتروها من متجر أمازون والذي يعمل بالطبع على خدمات الويب من أمازون.
كل هذا التبسيط والمركزية للمنتجات هو السبب وراء عزمهم الشديد على دخول واحتكار كل سوق ممكنة، كما يتعين على أولئك الذين يبيعون سلعًا مادية عبر أمازون التعامل مع النفوذ الهائل للشركة الذي يسمح لهم بإملاء تكلفة أي شيء تقريبًا يتم بيعه على الموقع، و إذا لم ينجح التسعير مع شخص ما يمكن لأمازون ببساطة تغيير خوارزميات البحث الخاصة بها لتخدم مصلحتهم وتعرض المنتجات التي يبيعونها أولاً. لأنه عندما يتعلق الأمر بالمنافسة، فإن أمازون لا تعرف الرحمة على الإطلاق،
فهي تمتلك الكثير من المال لدرجة أنه كلما حاولت شركة أخرى التنافس معهم، تستطيع أمازون جعل منتجاتها أرخص و بيعها بخسارة حتى تفشل تجارة المنافس، مما يجعل أمازون محتكرة للسوق تقريبًا، وعلى الرغم من استراتيجية السوق هذه المشكوك فيها أخلاقياً والمبالغ الهائلة من إيرادات الشركة سنوياً إلا أنهم ما زالوا يحصلون على تخفيضات ضريبية باستمرار من الحكومة. مع حدوث هذه التخفيضات الضريبية على الرغم من أن جيف بيزوس قد أفاد في العديد من المناسبات موضحاً في مقابلات تليفزيونية مدى صعوبة ما يفعله للتهرب من الضرائب.
هل سبق لك أن تساءلت عن سبب تأسيس أمازون في واشنطن بدلاً من وادي السيليكون في كاليفورنيا مثل كل شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى كجوجل؟ ليس لدى جيف مشكلة في الاعتراف بأنه فعل ذلك لتجنب ضرائب المبيعات في كاليفورنيا، وعلى مدار تاريخ الشركة، أصبح نفور أمازون من دفع الضرائب أمرًا أساسيًا في اسمهم على مدار العشرين عامًا التي كانوا قائمين فيها، وكان بيزوس يتجنب المبيعات عمدًا في غالبية الولايات الأخرى. في عام 2018 أعلنت الشركة عن أعلى مستوى لها على الإطلاق من الأرباح بما يزيد عن 10 مليارات دولار، ومع ذلك فقد دفعت إجماليًا 0$ من ضرائب الدخل الفيدرالية.
إمبراطورية جيف بيزوس
ومع تأرجح الاقتصاد الأمريكي على حافة الانهيار، سيتمكن بيزوس بعد ذلك من شراء المزيد من الشركات، والمزيد من الأسهم، والمزيد من الأصول، وجمع المزيد من الثروة، مكتسباً سيطرة أكثر على حياة الأشخاص العاديين اليومية. كل ذلك بينما يُجبر الأشخاص العاديون على العمل في المصانع، ويُعاملون مثل الماشية البشرية، ويتم تغذيتهم ببروباجاندا عن سوء الاتحاد لإبقائهم في صراعات بينهم البعض بينما ينظر اليهم من الأعلى ضاحكاً،
كل هذا فقط للحفاظ على نفس النظام الذي يغذي غرور بيزوس المنتفخ. من الواضح أن الأمريكيين يعيشون الآن في عالم لم يعد فيه المسؤولون المنتَخَبون يسيطرون على اقتصادهم أو سياساتهم، ولم يعد التصويت الديمقراطي موجودًا، فكيف سيكون موجودًا اذا كان الأغنياء يتحكمون في البنية التحتية للعالم.
اقرأ مقالة يوتيوب سيختفي خلال 5 سنوات