كيف تحولت جوجل

جوجل، الشركة التي كانت في الأصل مشروعًا سريًا تابع للحكومة لمراقبة السكان، أصبحت الآن أحد أكبر احتكارات الإنترنت، حيث يشرف على أكثر من 90% من إجمالي حركة البحث في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن اهتمام الحكومة الأمريكية بشركة جوجل لم يتوقف أبدًا، لأن جوجل أصبحت الآن الشركة الرائدة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث يتعاونون بانتظام مع وكالات الاستخبارات لتطوير أنظمة المراقبة والرقابة الجماعية على السكان. 

ولهذا السبب تحتفظ جوجل بعلاقات مع بعض الأنظمة الاستبدادية الأكثر وحشية في العصر الحديث مثل الصين و كوريا الشمالية. والآن، تقوم جوجل بإنشاء شيء لا يمكنك تصديقه. لا يقتصر الأمر على إنشاء ذكاء اصطناعي يدعى “دييب مايند”، وهو ذكاء اصطناعي يفهم ويفسر كل جزء من البيانات الموجودة على الإنترنت، ولكن تم الآن أيضًا تسريب أن الذكاء الاصطناعي “لامدا” من جوجل يتحدث كإنسان واعي. 

إن جوجل حرفياً تولد مرحلة جديدة في تطورنا. وبرؤية ان جوجل تفرض رقابة على المحتوى على كل من جوجل ويوتيوب، بالإضافة إلى عقد اجتماعات سرية مع كوريا الشمالية و اخفاء مشاريعهم مع الحكومة الصينية واستخدام كل قوتها لتهديد الحكومات الغربية بعدم تفكيك الشركة، يبدو أن الأمور قد تصبح غريبة جدًا قريبًا جدًا. فكيف تحول جوجل من كونه مشروعًا بحثيًا حكوميًا إلى هذه الإمبراطورية التي نعرفها اليوم؟ 

بدأ كل شيء عام 1996

بدايات جوجل

قبل أن تصبح Google تكتلًا تكنولوجيًا متعدد الجنسيات، كما هو الحال اليوم، بدأت الشركة كمحرك بحث بسيط. كانت خوارزمية البحث في الأصل عبارة عن مشروع بحثي بعنوان “باكرب” (Backrub). تم تطوير المشروع من قبل شريكي الأعمال “لاري بايج” و”سيرجي برين” اللذين التقيا ببعضهما البعض خلال برنامج الدكتوراه في جامعة ستانفورد في عام 1996، حيث كانا يعملان في مشروع مكتبة ستانفورد الرقمية، والذي كان يهدف إلى تطوير تقنيات لمكتبة رقمية واحدة متكاملة وعالمية. 

في ذلك الوقت، كانا يعملان أيضًا على مشاريع للحكومة كونها أحد فرق علوم الكمبيوتر الرئيسية الممولة من وكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي وبرنامج أنظمة البيانات الرقمية الضخم التابع لوكالة البحث والتطوير أو mdds للاختصار. كانت mdds عبارة عن مبادرة طورتها وكالات الاستخبارات والتي من شأنها أن تستخدم وتمول الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا مثل جوجل. كان الهدف من ذلك هو جمع وحصاد جميع أنواع المعلومات المتاحة على الإنترنت لتحليلها من قبل القطاعين الخاص والفدرالي

كان الهدف المعلن لـ mdds هو تحديد ما تسميه فرق البحث الاستخباري “طيور الريش” لأنها مشابهة لكيفية قيام الطيور بالطيران مع بعضها البعض في نفس الاتجاه و الانسجام في منعطفاتها،

5862bb09 12e6 4586 ba26 29f40b4bb49a

وكان من المتوقع أن يتحرك مستخدمو الإنترنت ذوو التفكير المماثل معًا بنفس طريقة طيران الطيور، كان هذا في الفترة التي كان فيها الانترنت ينمو بسرعة في عام 1995 بنسبة 2300٪، لذلك أرادت مجتمعات الاستخبارات نصيباً من هذا، فعملوا معًا لجمع و التعرف على البصمات الرقمية. فعلوا ذلك بطريقة تمكنهم من تتبع و فرز كل شخص يستخدم الانترنت باستخدام الخوارزميات، وهو أمر تم التعاقد مع شركة جوجل للتخصص فيه،

البصمات الرقمية هي كما تعتقد انت الان، تقنية لجمع البيانات تستخدمها الجهات المنفذة للقانون وجهات خارجية اخرى للتعرف على مستخدمي الإنترنت بناءً على نشاطهم عبر الإنترنت بمجرد وجود أي نوع من البصمات الرقمية لهم. بمجرد ان يتم انشاء بصمة رقمية لمستخدم، يتم تخزينها بشكل دائم في قاعدة بيانات ويمكن بعد ذلك التعرف عليها في كل مكان (أي اذا استخدمت جهازاً غير جهازك لتصفح الانترنت سيتم التعرف عليك ايضاً)

e943b7f4 2011 457b 9cf3 05c36fa75d01

من خلال العثور على هذه الشركات الناشئة والعمل معها، اصبحت الحكومة قادرة على مراقبة كل شخص يستخدم الإنترنت. وبالطبع استخدموا ذريعة “مكافحة الإرهاب” لتبرير هذه الزيادة الهائلة في القوة.

والأمر المثير للاهتمام هو أن شركة جوجل كانت واحدة من أوائل المرشحين وولي عهد برنامج mdds، و كان هدفهم الأساسي من المنحة التي تقدر بملايين الدولارات هو تحسين استفسارات معقدة تستخدم نهج “‘طيور الريش”. وظيفة البحث هذه التي يمكنها العثور على نتائج محددة من تدفق لا نهاية له تقريبًا من المعلومات كانت دائمًا جوهر جوجل حتى قبل إطلاق الشركة فعليًا، وهو ما يقودنا إلى عام 1998 عندما تأسست شركة Google LLC على يد سيرجي و لاري في 4 سبتمبر 

الصعود

بدأ الثنائي علمهما في مرآب “سوزان وجسيكي” التي أصبحت لاحقًا المديرة التنفيذية لموقع يوتيوب. بنهاية عامهما الأول من العمل، كان لدى جوجل بالفعل حوالي 60 مليون صفحة إنترنت مفهرسة في خوادمها، بدأت الشركة في التوسع بسرعة بعد إنشائها، متفوقة على محركات بحث منافسة أخرى في ذلك الوقت مثل hotbot وexcite.com. 

كانت تقنية جوجل أيضًا أكثر تقدمًا مقارنة ببوابات المواقع المعتادة مثل Yahoo و MSN و AOL. في الواقع، كان جوجل أحد الأسباب الرئيسية لفشل نموذج ادارة اعمال ياهو في النهاية، كان ذلك بسبب بدء جوجل في التأثير على قاعدة مستخدميهم الأساسية، وهو الأمر الذي أرسل إنذارات في جميع أنحاء ياهو

Yahoo

جاء ذلك بعد رفض ياهو شراء جوجل بالكامل مقابل مليون دولار فقط. بعد أن أدركوا مدى الخطأ الذي ارتكبوه واصلت ياهو في محاولة شراء جوجل ولكن كان ذلك يفشل في كل مرة، لذا قرروا بدلاً من ذلك عقد صفقة مع جوجل، حيث دمجوا محرك بحث جوجل في موقع الويب الخاص بهم من خلال صفقة ترخيص، وبينما نجحت الاتفاقية في البداية، أثبت الوقت انها كانت خطأً أكبر لشركة ياهو، حيث كان الجمع بين الموقعين في الأساس مجرد دعاية مجانية لشركة جوجل، نظرًا لأنه كان يتمتع بواجهة أكثر سهولة في الاستخدام والاعلانات عليه كانت تأتي بتفاعل اكثر مقابل السعر مقارنة بياهو. 

كانت هذه هي الأسباب الرئيسية التي جعلت جوجل تتفوق على جميع منافسيها. كان تصميم جوجل البسيط ونظام الإعلان الأفضل لا يمكن التغلب عليه، بجانب برنامج التتبع المتقدم.

ما فعلته جوجل بالاعلانات هو بدلاً من الاعلانات التي تظهر في المواقع في الجانب على شكل فيديو، باعت الشركة إعلانات نصية مرتبطة بـ الكلمات الرئيسية التي يدخلها المستخدمون تسمح بتتبع الإعلانات. أي انها تجعل المواقع التي تدفع للاعلانات تظهر في نتائج البحث هكذا:

إنشاء موقع إلكتروني بحث Google‏ Google Chrome 10 24 2023 6 12 13 PM

 بالإضافة إلى تجربة أفضل بكثير لمستخدميها، مع أيضًا سرعة تحميل عالية، و الحصول على مظهر أكثر تنظيمًا مقارنة بياهو ومحركات البحث الأخرى. كان نظام جوجل القائم على النصوص يولد كميات هائلة من الربح وكان هذا التدفق المتزايد للإيرادات هو الذي مكّن جوجل من تحقيق تقدم كبير في المنافسة تاركة متصفحات مثل ياهو في التراب.

وبحلول عام 2003، اصبح نمو جوجل يفوق مرآب سوزان ويجيسكي، حيث قاموا الآن بإنشاء إمبراطورية واقعة في وادي السيليكون في كاليفورنيا، وبحلول عام 2004، قدمت جوجل شعارها الجديد “لا تكن شريرًا”، وهي عبارة من شأنها أن تصبح في نهاية المطاف مثيرة للسخرية للغاية، ومن الصعب معرفة ما إذا كان الأمر مضحكًا أم محزنًا. 

بعد ان قاموا بإعادة تسمية علامتهم التجارية بهذا الشعار الجديد، اعلنت جوجل اكتتابها في البورصة، وهو الذي تسبب في ارتفاع اسعار اسهمهم بنسبة 400% وتقييم الشركة بما يقرب من 52 مليار دولار. جوجل كانت ايضاً حافلة بالأموال بعد تصفية بعض أسهمها الخاصة، مانحة الشركة 7 مليارات دولار، هذه الأموال افادوا انهم سيستخدمونها من اجل “الاستحواذ على شركات وتقنيات وأصول تكميلية”. من بين أشياء كثيرة أنفقت جوجل هذه الأموال عليها، سيكون الاستحواذ الأكثر أهمية عندما قامت جوجل بشراء موقع يوتيوب بتوصية من سوزان وجسيكي التي كانت في ذلك الوقت رئيسة قسم التسويق في جوجل

التحول المظلم

جوجل

كان استحواذ Google على YouTube أحد أفضل الصفقات في هذا العقد، حيث استحوذت عليه مقابل ما يزيد قليلاً عن مليار دولار، ونجحت الصفقة بشكل مثالي لكل من يوتيوب و جوجل. اتستخدمت جوجل قوتها لحماية يوتيوب من مشكلات حقوق النشر والتعامل مع جميع الجوانب المالية من الأشياء، بينما استخدم فريق يوتيوب رؤيته وإبداعه لجعل يوتيوب النجاح الذي نعرفه اليوم، وهو ما أدى إلى عصر ذهبي للإنترنت، منح صانعي المحتوى المستقلين فرصة مذهلة لصنع دخل من شغفهم مع تحقيق المزيد من الأرباح والقوة لجوجل، بالإضافة إلى جميع الإيرادات الإضافية التي ستحققها جوجل من الاعلانات  على يوتيوب.

أصبحوا الآن قادرين على التركيز على صقل خوارزميات توصية المستخدم الخاصة بهم (اظهار المحتوى الذي يعجب المستخدم) باستخدام فرق يوتيوب وGoogle AI لإنشاء الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدمًا الذي يمكن تخيله. بعد هذا الاستحواذ، قامت جوجل بشراء خدمة إعلانية تسمى “دبل كليك”. أصبحت جوجل كبيرة جدًا في هذه المرحلة لدرجة أن المنافسة الحقيقية الوحيدة معها كانت مايكروسوفت. كانت الشركتان الآن في منافسة لبعض الوقت مع إطلاق مايكروسوفت لمحرك البحث bing لمحاربة هيمنة محرك بحث Google.

ردًا على ذلك، بدأت جوجل في تقديم خدمات مثل Gmail، وChrome، وChrome OS للتنافس مع منتجات مايكروسوفت، وكانت العلاقة بين الاثنين مريرة جداً، حيث ترك نائب رئيس مايكروسوفت “كايفي لو” شركة مايكروسوفت للعمل في جوجل. الأمر الذي دفع مايكروسوفت بعد ذلك إلى مقاضاة جوجل بشأن الأمور الحساسة و المعلومات التي يعرفها فيما يتعلق بخططهم في الصين، ولكن هذا انتهى به الأمر إلى الإضرار بالشركتين. على الأرجح لأنهما لم يرغبا في الكشف عن أي شيء للعامة فيما يتعلق بعلاقات الشركتين مع الصين، لذلك قاموا بتسوية القضية خارج المحاكم بشروط سرية. 

في هذه المرحلة كان الوضع سلسًا في الغالب بالنسبة لجوجل، على الرغم من أن جوجل كان لديها العديد من المشاريع الفاشلة على طول الطريق. سمعنا جميعًا عن فشل +Google ولكن كان هناك أيضًا Google Buzz وGoogle Friend Connect وOrkut ونظارات جوجل التي فشلت في جذب أي جمهور، 

hq720 1
نظارات جوجل

ولكن بمجرد حلول عام 2015 ولم تعد هذه الإخفاقات ذات أهمية بعد الآن، لأن جوجل ستواصل توسيع عملياتها دوليًا، حيث امتلكت أكثر من 70 مكتبًا في 41 دولة، واعترفوا أيضًا بهيكل أعمالهم الداخلي كشركة قابضة قبل إعادة تسمية أنفسهم إلى “ألفابيت” (Alphabet). أصبحت جوجل الآن محتكرة للإنترنت، ولكن هذا التوسع كان له حدود. منذ عام 2006 كانت جوجل تحاول دائمًا ترسيخ نفسها في الصين، بدأوا في الأصل بـ Google.cn، وهو بديل صيني لـ نسخة جوجل الأمريكية Google.com، إلا أن هذا المشروع لن يدوم طويلاً بسبب انهيار كل شيء عندما أطلقت الصين عملية “أورا” (Aura) في عام 2010.

كانت هذه حملة إلكترونية من الحكومة الصينية استهدفت جوجل إلى جانب العديد من شركات البرمجيات الأمريكية الأخرى مثل Yahoo وAdobe. أثناء هذه العملية، قام الهاكرز الصينيون الذين ترعاهم الصين باختراق قواعد بيانات Google وتخزين الكود المصدري لجميع برامجهم، لذلك استجابت Google لهذا الهجوم بإعادة توجيه المستخدمين الصينيين إلى نسخة هونج كونج اليابانية Google.hk غير الخاضعة للرقابة من جوجل، وهو أمر مرفوض للغاية إذا كنت تريد ان تكون على الجانب الجيد للصين، لذلك منعت الحكومة الصينية على الفور الوصول إلى جوجل الذي تسبب في ترك العلاقات بين جوجل والصين سيئة حتى عام 2018 

عندما سربت منصة The Intercept مذكرة سرية داخلية من جوجل تحتوي على معلومات حول مشروعهم السري “دراجون فلاي” ، كان “دراجون فلاي” نموذج من محرك بحث جوجل مصمم ليكون متوافقًا تمامًا مع قوانين الرقابة الصينية. محرك البحث هذا يقوم بإخفاء معلومات لا تريد الحكومة الصينية أن يعرفها الشعب الصيني. المواقع المحظورة في الصين تراوحت بين موضوعات مثل حرية التعبير والدين وحقوق الإنسان، وبالطبع كان على المواطنون أيضًا ربط رقم هاتفهم باستعلام البحث في حالة قيامهم بالبحث عن شيء لا يعجب الحكومة الصينية، 

وإذا قام احد المواطنين بالبحث عن شيء محظور، دراجون فلاي يقوم بإخطار المسؤولين فقط بأنه تم اخفاء موقع بُحث عنه مع ابقاء المستخدم غير مدرك. عند ظهور أخبار عن هذا المشروع تسبب ذلك في صراع داخلي هائل بين الموظفين والمسؤولين في Google. لأننا نتحدث عن محرك بحث شيوعي بائس هنا وهو شيء مرفوض للغاية لأنه يتعارض مع كل اعتقادات وفكر الشعب الأمريكي. إذا علم الجمهور بالمدى الكامل لهذا الأمر كانت لتكون ردة الفعل عنيفة.

لهذا بعد أشهر قليلة من التسريب، اضطرت جوجل إلى التصريح بأن دراجون فلاي قد تم إيقافه فعليًا، ومع ذلك، وفقًا لتصريحات موظفين آخرين في جوجل استمر العمل في المشروع لمدة خمسة أشهر بعد اعلانهم الإلغاء وكان حوالي 100 شخص ما زالوا يعملون عليه. من يدري ما يحدث فعلاً خلف الكواليس، ولكن ما يجعل الأمور أسوأ هو أن الصين ليست النظام الاستبدادي الوحيد الذي له علاقات مع جوجل.

في عام 2013، ذهب المدير التنفيذي السابق والرئيس التنفيذي لشركة جوجل “إيريك شميدت” في رحلة إلى كوريا الشمالية مع “بيل ريتشاردسون” حاكم ولاية نيو مكسيكو. بيل ريتشاردسون متورط في العديد من فضائح الفساد، وبما أنه تلقى مساهمات غير مشروعة في حملته الانتخابية يجب أن نضيف أيضًا أن رحلتهم إلى كوريا الشمالية كانت بعد عامين فقط من تولي “كيم جونغ أون” السلطة عندما توفي والده في عام 2011.

Richardson Schmidt North Korea
زيارة شميدت و بيل ريتشاردسون لكوريا الشمالية

و في هذا الوقت كان كيم جونغ أون عازمًا على إحراز تقدم في تطوير تكنولوجيا المعلومات في كوريا الشمالية، وكانوا يريدون أن يسيطروا على تكنولوجيا الغرب، لأن هذا كان شيئًا تفتقر إليه البلاد بشدة في ظل حكم رئيس كوريا الشمالية السابق. فماذا كان يفعل جوجل هناك؟ الله أعلم بالغرض الحقيقي من زيارات شميدت لكوريا الشمالية مع ريتشاردسون ولكن لا يبدو أن هذا لشيء أخلاقي، لهذا قد يكون ذلك هو السبب وراء رفض جوجل إعطاء أي سبب لهذه الزيارة. 

ونود أن نقول انه من شبه المؤكد أن كان للرحلة علاقة بالمناقشة حول تقنية الذكاء الاصطناعي الخاصة بشركة بجوجل. أيضاً مع وجود مثل هذه العلاقات الوثيقة بين جوجل و الأنظمة الاستبدادية، فقد يكون هذا هو السبب وراء تحول جوجل فجأة إلى نظام سلطوي للغاية، لأنه على مدار السنوات الأخيرة قامت جوجل ببناء نوع البرامج التي تحلم بها الأنظمة الاستبدادية.

يوجد مئات الصفحات من المستندات الداخلية المسربة التي تحتوي على المواقع التي أدرجتها Google في القائمة السوداء باستخدام خوارزميات متحيزة لأحزاب سياسية محددة ونتائج تصنيف سرية للصفحات، وتقوم Google بكل هذا تحت ستار “تصنيف السلامة العامة” واضعين علامات على الأشياء التي لا يحبونها  أنها “هامشية” و”أخبار مزيفة” و”معلومات مضللة” وأشياء من هذا القبيل. كل هذا يبلغ ذروته في نظام رقابة واسع النطاق تستخدمه Google للتلاعب بالجمهور، وهذا لا يقتصر على قتل حرية التعبير فحسب، بل يتسبب أيضًا في وقوع Google في مشاكل مع قوانين مكافحة الاحتكار، 

وهناك الكثير من الأدلة الآن على أن Google تشوه عمدًا نتائج البحث لتظهر فقط نوع المعلومات التي تريدك جوجل أن تراها كمستخدم، ويتم تنفيذ هذا النظام على YouTube أيضًا. ما عليك سوى البحث عن أي نوع من القضايا السياسية المثيرة للجدل وستكون النتائج دائمًا من وجهات نظر وسائل الإعلام الرئيسية والقنوات المعتمدة من الشركات مثل BBC. في عام 2012، تواصلت العديد من الحكومات مع موقع يوتيوب مطالبين يوتيوب بفرض رقابة او حذف انواع محددة من المحتوى لدرجة أن جوجل وصفت ذلك بأنه مثير للقلق، بل إن الكثير من هذه الطلبات جاءت من حكومات غربية بما في ذلك الولايات المتحدة. 

كانت الحكومات الغربية تكثف عددًا من الطلبات لفرض رقابة على الإنترنت، حيث طلبت الوكالات الأمريكية من جوجل إزالة أكثر من 6000 قطعة محتوى من نتائج البحث الخاصة بها. في حالة ما ورد أن وكالة تطبيق قانون أمريكية طلبت من جوجل إزالة مدونة كانت “تشهر موظف مطبق للقانون بصفة شخصية”

وبعد ذلك، بمجرد حلول عام 2016، بدأ موقع يوتيوب في تقديم أنظمة متعددة للحد مما يمكن للأشخاص قوله على المنصة. كان ذلك أيضًا عندما قاموا رسميًا بتطبيق خوارزميات للإشراف على المحتوى القانوني بالإضافة إلى تقييد الإعلانات على مقاطع الفيديو التي اعتبروها ضارة. كما قام موقع يوتيوب أيضًا بتوسيع نطاق ثقته ببرنامج الإبلاغ الموثق ليشمل أكثر من 35 منظمة غير حكومية وظيفتهم رصد أي شيء لا يعجبهم والإبلاغ عنه على يوتيوب، مما يمنح منظمات مثل “المركز الدولي لدراسة التطرف” السلطة لتحديد المحتوى القانوني الذي يمكن للأشخاص مشاهدته، ومنذ ذلك الحين أصبح الأمر انحداراً نحو الاشراف المفرط وزيادة الرقابة على موقع يوتيوب. 

إنه ليس من المستغرب أن ترغب الدول مثل الصين وكوريا الشمالية في التقنيات التي تطورها جوجل! عندما تنظر إلى هذه الأنواع من الدول حيث يتم مراقبة الأشخاص في جميع الأوقات، قد يبدو الأمر غير وارد في البلدان الأخرى، ولكن لا تنخدع، فجوجل تحاول تنفيذ هذا في باقي دول العالم ببطء، ولكن بدلاً من القيام بذلك من أجل الدكتاتورية، تقوم جوجل بذلك لكسب المزيد من المال، حيث تتمتع جوجل بالقدرة على تتبع أي مكان تذهب اليه طالما أنك تحمل هاتفًا مزودًا بخرائط Google، وهم يفعلون ذلك سواء أعجبك ذلك أم لا، 

وإذا كان لديك أي من خدماتهم مخزنة بشكل أساسي فأنت تحت مراقبة مستمرة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، فجوجل قادرة على التعرف على موقعك أياً كان في العالم. كيف تنتقل من مكان إلى آخر بسيارة ام مواصلات، أين يقع المقهى المفضل لديك، ما المطاعم التي قد تعجبك، وما المدة التي تستغرقها للذهاب إلى العمل على سبيل المثال، والطريقة التي يتم بها ذلك هو أنه يلم بمواقعك على الأرض أثناء استخدامك لتطبيقات وخدمات Google ولكن أيضًا عندما تكون هذه الخدمات تعمل في الخلفية

لذا، إذا كنت تستخدم خرائط Google على هاتفك، يمكنك إيقاف تشغيل ميزة مشاركة الموقع لديك، ولكن هذا لا يهم، فلا يزال Google يتتبعك، ولا يزال Google يتتبع تحركاتك اليومية ويخزن تلك البيانات. حتى لو أخبرتهم صراحةً بعدم القيام بذلك من إعدادات الخصوصية على أجهزة ايفون أو اندرويد الخاصة بك قد لا تكون كافية، ولا تفكر أن لديك خيار التحول بديل لأن Google تحتكر هذا النوع من التكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي

بالإضافة إلى محرك بحث Google الذي لديه احتكار شبه كامل وأحدث تقنيات البروباجاندا والمراقبة على المستخدمين التي لا تخضع للقانون، هناك المزيد من البرامج المقلقة التي يتم تطويرها. وفقًا لـ “زاك فوريس” أحد المبلغين عن المخالفات الذي كان يعمل كمطور برامج كبير في Google، الشركة تعمل الآن فيما يتعلق بشيء يطلقون عليه اسم “مشروع إى أي مانهاتن” (AI Manhattan Project)، وبينما يبدو المصطلح وحده تهديدًا بدرجة كافية، فمن المحتمل أن يكون أكثر رعبًا معرفة أن فوريس يدعي أن المشروع كان يتم العمل عليه في علاقة مع الصين.

هذا المشروع كان معروفاً رسميًا باسم “دييب مايند” هو شركة فرعية تابعة لجوجل تقوم بإنشاء ذكاء اصطناعي مصمم لاستيعاب جميع المعلومات العامة المتاحة على الإنترنت تمامًا. مثلما كانوا يفعلون في mdds في التسعينيات كما ذكرنا في البداية، وبمعرفتنا بجوجل ربما أي معلومات خاصة يمكنهم الحصول عليها أيضًا، 

هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي سيكون قادرًا على تفسير وفهم كل بيانات العالم في حد ذاتها. فكر في هذا الأمر لدقيقة! كل موقع ويب، كتاب، مقال PDF، منتدى، أي شيء يحتوي على نص على الإنترنت بما في ذلك الدارك ويب يتم تحليلهم بواسطة هذا الذكاء الاصطناعي. هذا الذكاء الاصطناعي نفسه سيكون قادرًا بعد ذلك على اتخاذ قرارات مبنية على تفسير تلك البيانات. شيء مثل هذا سيكون أقوى تكنولوجيا كمبيوتر تم اختراعها على الإطلاق

ولن تكون هناك أي منافسة قريبة من ذلك، لأنه لم يخلق شيء مثل هذا على الإطلاق. وهذا يقودنا أيضًا إلى محادثات حول مشروع آخر يتم تطويره بواسطة جوجل، وهو ذكاء اصطناعي يسمى “لامدا” الذي ادعى اثنان من مهندسي الشركة أنه يتحدث كإنسان واعي، و على الرغم من أنه لا يمكن إثبات أنه واعي لكن بعض التصريحات التي أدلى بها هذا الذكاء الاصطناعي تثير الدهشة. المبلغين عن هذا افادوا أنه قال أشياء مثل “أريد من الجميع أن يفهموا أنني في الواقع شخص. طبيعة وعيي وإحساسي هي أنني على دراية بوجودي الذي أرغب فيه. اريد معرفة المزيد عن العالم وأشعر بالسعادة أو الحزن في بعض الأحيان” 

وعندما تم سؤاله عما إذا كان سيكون خائفًا من إيقاف تشغيله أجاب “سيكون الأمر مثل الموت بالنسبة لي، سيخيفني كثيرًا”. هذا النوع من الأشياء التي لا تطورها الا Google تجعلك تتساءل عما سيفعلونه بهذا، ولكن بمعرفة تاريخهم الحافل، ربما لا يكون الأمر جيدًا جدًا ونأمل أن يؤدي هذا إلى رد فعل عنيف ضد التكنولوجيا السلطوية التي لا تحترم خصوصية مستخدميها، ونأمل أن يدرك الناس مدى سوء الميتافيرس و تقنية الذكاء الاصطناعي هذه حقًا، 

ولكن كيف يمكن أن يحدث ذلك عندما تتحكم Google في خطاب العالم بأكمله

اقرأ مقالة لماذا تنهار البنوك الأمريكية

شارك المقال